قوله عز وجل: {وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ} فيه ثلاثة أقاويل:أحدها: أن المجوس نسبت الشر إلى إبليس، وتجعله بذلك شريكاً لله.والثاني: أن مشركي العرب جعلوا الملائكة بنات الله وشركاء له، قاله قتادة، والسدي، وابن زيد كقوله تعالى: {وَجَعَلُواْ بَينَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} فَسَمَّى الملائكة لاختفائهم عن العيون جنة.والثالث: أنه أطاعوا الشيطان في عبادة الأوثان حتى جعلوها شركاء لله في العبادة، قاله الحسن، والزجاج.{وَخَلَقَهُمْ} يحتمل وجهين:أحدهما: أنه خلقهم بلا شريك له، فَلِمَ جعلوا له في العبادة شريكاً؟.والثاني: أنه خلق من جعلوه شريكاً فكيف صار في العبادة شريكاً.وقرأ يحيى بن يعمر {وَخَلْقَهُمْ} بتسكين اللام. ومعناه أنهم جعلوا خلقهم الذي صنعوه بأيديهم من الأصنام لله شريكاً.{وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ} في خرقوا قراءتان بالتخفيف والتشديد، وفيه قولان:أحدهما: أن معنى خرقوا كذبوا، قاله مجاهد، وقتادة، وابن جريج، وابن زيد.والثاني: معناه وخلقوا له بنين وبنات، والخلق والخرق واحد، قاله الفراء.والقول الثاني: أن معنى القراءتين مختلف، وفي اختلافهما قولان:أحدهما: أنها بالتشديد على التكثير.والثاني: أن معناها بالتخفيف كذبوا، وبالتشديد اختلفوا.والبنون قول النصارى في المسيح أنه ابن الله، وقول اليهود أن عزيراً ابن الله.والبنات قول مشركي العرب في الملائكة أنهم بنات الله.{بِغَيْرِ عِلْمٍ} يحتمل وجهين:أحدهما: بغير علم منهم أن له بنين وبنات.والثاني: بغير حجة تدلهم على أن له بنين وبنات.